ستكون أكبر بكثير في المرحلة المقبلة... هذا آخر ما كشف عن المساعدات الأميركية للجيش
3 شركات إستشارية عالمية تفكّك العقد اللبنانية
يبدو أن الصورة بدأت تتبلور وحلّ معضلة الفجوة المالية من خلال تحديد المسؤوليات بين مصرف لبنان والمصارف والدولة ولو كان يستغرق بعض الوقت، سيؤتي ثماره. العناصر المطلوبة للحلّ استكملت. ثلاث شركات استشارات مالية عالمية باتت جاهزة لمباشرة النقاش حول الاستراتيجية المالية المرتقبة لكلّ من تمثّله وهي "أنكورا" عن جمعية المصارف و"روتشيلد" عن مصرف لبنان و"لازارد" عن الدولة اللبنانية . من هي تلك الشركات وكيف سيتمّ العمل في ما بينها وكيف ستوزّع الحصص؟
لا تفاصيل حتى الساعة عن كيفية توزيع المسؤوليات لسدّ الفجوة المالية والخروج بـ "تخريجة" قابلة للتنفيذ في مشروع قانون الانتظام المالي ترضي المودعين ومصرف لبنان والمصارف ولا تثقل كاهل الدولة.
الأمور بدأت تترتّب على السكّة الصحيحة، إذ بعد تعاقد مصرف لبنان عام 2024 مع شركة "روتشيلد" Rothschild &co (مقرّها الرئيسي فرنسا وتنتشر في لندن، نيويورك، دبي، وآسيا) باعتبارها مستشارًا ماليًا تمثيليًا له في التفاوض مع المصارف والحكومة في ملف توزيع الخسائر والفجوة المالية، ها هي جمعية المصارف في لبنان توازيًا تتوافق على تعيين شركة "أنكورا" الاستشارية ماليًا للتفاوض باسم المصارف، علمًا أن شركة "لازارد " Lazard (مقرّها نيويورك وتعمل في أكثر من 40 دولة في العالم) المعيّّنة كمستشار مالي ومصرفي في شباط 2020، ستكون المفاوضة باسم الدولة كون الاتّفاق معها لا يزال ساريًا. وفق تلك المشهدية يكون اكتمل فريق العمل الاستشاري الموكل البحث عن الحلول الآيلة إلى فكّ "عزقة" الفجوة المالية التي تقارب قيمتها الـ 80 مليار دولار، وبالتالي تسديد أموال المودعين، وبات التفاوض والتشاور في عهدة الشركات الثلاث بتوجيهات من موكليها.
من هي "أنكورا"؟
من المرتقب أن تباشر شركة "أنكورا" التفاوض ماليًا باسم جمعية المصارف في لبنان الأسبوع المقبل مع الشركة الممثلة لمصرف لبنان والدولة بهدف تقييم خيارات إعادة هيكلة القطاع المالي وحلّ لغز الفجوة المالية لصياغة قانون يتمّ فيه توزيع المسؤوليات بين مصرف لبنان والمصارف والدولة.
و"أنكورا" (Ankura Consulting Group) هي شركة استشارية أميركية دولية تأسست عام 2014، وتعمل في أكثر من 115 دولة. تقدّم استشارات متخصصة في مجالات إدارة المخاطر، إعادة الهيكلة، التمويل، التحكيم، التحقيقات والاستشارات الاستراتيجية. وبالإضافة إلى التفاوض، من المفترض أن تنتج عن مقاربة "أنكورا" خطة تتضمّن إعادة الثقة تدريجيًا، أولًا للمودعين، ثم للأسواق، وأخيرًا للدائنين. فالمقاربة يجب أن تكون مرنة بدلًا من الحلول التقليدية الصارمة، وإطلاق حملة علاقات عامة دولية ومحلية لتعزيز فهم موقف المصارف وتحصينها من الانتقادات والمقاضاة المحتملة.
العقد الجماعي المقترح بين جمعية المصارف و"أنكورا" يمتدّ لـفترة تتراوح بين 18و20 شهرًا كما عُلم ونفقات الخدمات تصل إلى نحو 4 ملايين دولار لفترة عملها. أما تكاليف الدفع فهي موزّعة على المصارف بحسب حجم ودائعها وتوظيفاتها مع مصرف لبنان، أي أن المصارف الأكبر ستتحمّل الجزء الأكبر من الكلفة.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر في وزارة المال لـ "نداء الوطن" أن "شركة Ankura ستبدأ عملها مع جمعية المصارف خلال أسبوع لتقديم التقييم المالي والتوصّل إلى تصوّر معيّن في ما يتعلق بقانون الفجوة المالية أو الانتظام المالي وتوزيع المسؤوليات.
وهنا تبرز ضرورة فهم الأرقام وما إذا كانت تتضمّن شوائب أو فوائض أو عيوب وعلى أي أسس بنيت وما هي المبادئ التي ستعتمد ليتمكنوا من تهذيب أو إعادة تصحيح هذه الأرقام، فيكون كلّ من الذين سيتحمّلون المسؤولية على دراية بمترتبات كل جهة على الأخرى، ثم تعرض الاقتراحات على وزارة المال بصورتها النهائية لمعرفة كيف سيتمّ إعداد قانون الانتظام المالي". وإذا كانت "أنكورا" تعمل لجهة جمعية المصارف، و"روتشيلد" لمصرف لبنان، يبقى المودعون هم الجهة الأضعف الذين يجدر بالدولة توفير الحماية لهم وهي المستشارة التابعة لهم". ووزارة المالية وسط الاقتراحات التي ستعرض عليها، ستتشدّد في عدم إلحاق تعسّف وظلم بحقّ أي مودع وبأي شكل من الأشكال".
قواعد صحيحة لتوزيع الحصص
"طبعًا ستواجه وزارة المال افتراضات واقتراحات ورأي لأكثر من جهة" يضيف المصدر، منها ما سيكون مقبولًا ومنها ما هو غير مقبول في عملية المسّ بالودائع. لكن حاليًا لا تزال الأمور في بداياتها ولا يمكن الاسترسال في التفاصيل، فتوزيع المسؤوليات والحصص يجب أن يكون مبنيًا على قواعد صحيحة وثابتة وهي ليست مسألة حسابية".
وحول توزيع الحصص وفق المسؤوليات، يشير المصدر إلى أنه "يجب معرفة على أي أساس ستتحمّل جهة ما مبلغًا معيّنًا، ومدى قدرتها على الالتزام به". من هنا لن يكون توزيع الحصص متعادلًا بين الجميع، بل بحسب قدرة كل فريق على التسديد وتوفير الأموال. فالفريق الذي سيتحمّل بالدرجة الأولى هو مصرف لبنان والمصارف بالدرجة الثانية ويأتي دور الدولة في الدرجة الثالثة. إنطلاقًا من هنا إن المسؤولية ملقاة على الجميع، لكن شرط أن تكون قائمة على قواعد صحيحة، مستندة إلى العدل والإنصاف وليست مسألة من يتحمّل أكثر".
رسملة المصارف والبنك المركزي
إلى جانب قضية الودائع هناك موضوع رسملة المصارف والبنك المركزي الذي يشكّل موضع جدل أيضًا. فالدولة من خلال الخزينة ملزمة برسملة مصرف لبنان والمصارف ملزمة برسملة نفسها، ليتمكن الفريقان من تغطية التزاماتهما.
والمودع سيكون محميًّا يؤكّد المصدر المالي، "إلا إذا شابت بعض الودائع شوائب وعيوب تصيب المودعين، وذلك بوجه حقّ وليس من خلال فرضيات. ومن الأمثلة على تلك الشوائب، الأموال غير المشروعة أو غير الصحيحة ومن استفاد من فوائد خيالية من الهندسات المالية التي حصلت قبل اندلاع الأزمة.
عند ثبوت الشوائب تلك سيتمّ نوعًا ما تهذيب بعض الودائع، إذ ستحصل عملية شطب لودائع تخفيفًا للحمل على المصارف ومصرف لبنان والخزينة. المواضيع تلك قيد البحث وسترى وزارة المال الاقتراحات التي ستقدّم اليها، فخطة تسديد الودائع لا تزال أفكارًا مشتّتة قيد المشاورات وليست نهائية".
يبقى السؤال الأبرز، متى ستنتهي الاستشارات المالية ويتمّ التوافق على توزيع المسؤوليات وكيفية تسديد الودائع إذا كان عقد العمل مع "أنكورا" يمتدّ لفترة سنة ونصف أو 20 شهرًا، هل سيبقى قانون الانتظام المالي معلّقاً؟
"ليس بالضرورة أن تستغرق عملية إنجاز القانون عامًا ونصف العام"، يجيب المصدر المالي "نداء الوطن" إذ إن "شركة "أنكورا" تقدّم أيضًا للمصارف رأيها بشأن كيفية الاستمرار على المدى الطويل وشروط المنافسة والرساميل المطلوبة ونماذج العمل في المستقبل".
وفي حال طال أمد الاستشارات والتفاوض، هل سيبقى التوقيع على برنامج مع صندوق النقد الدولي معلّقًا أيضًا بسبب عدم إقرار قانون الانتظام المالي أو الفجوة المالية وبالتالي تطبيق قانون إعادة هيكلة المصارف المشروط تنفيذه بحلّ معضلة الفجوة المالية؟
إنّ الخطة المطلوب وضعها من الحكومة تنقسم إلى جزءين، الأول يتعلّق بكيفية سداد الودائع والثاني يُعنى بالمالية العامة لمواجهة مسألة سندات الـ "يوروبوندز". وفي هذا المجال، لبنان ليس على عجلة من أمره لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد قبل بلورة الصورة. المهمّ بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي عدم وجود خلافات بين الجهات المسؤولة أو سير الحكومة باتجاه آخر من دون تحقيق إصلاحات ومحاربة الفساد!
وبانتظار الوصول إلى خاتمة سعيدة في مسألة شدّ حبال تحمّل المسؤوليات بين الأفرقاء المعنية مباشرة باندلاع الأزمة والتي مضى عليها نحو 6 أعوام، إن سكة الحلول وضعت على الطريق المستقيم لانطلاق قطار الإصلاحات المنشودة التي ستنشلنا من مستنقع الأزمة والركود وفكّ عقدة الفجوة المشدودة.
باتريسيا جلاد - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|